فالحق تبارك وتعالى في هذه الآية الكريمة. . يطلب منا أن نفكر في مثل مادي محسوس. . أيهما خير؟ . . أذلك الصنم الذي يعبده الكفار وهو لا يأتي لهم بخير أبدا. . لأنه لا يستطيع أن ينفع نفسه فكيف يأتي بالخير لغيره. . بل هو عبء على من يتخذونه إلها. . فإنهم يجب أن يضعوه وأن يحملوه من مكان إلى آخر إذا أرادوا تغيير المعبد أو الرحيل. . وإذا سقط فتهشمت أجزاء منه. . فإنه يجب أن يصلحوها. .
إذن فزيادة على أنه يأتي لهم بخير. . فإنه عبء عليهم يكلفهم مشقة. . ويحتاج منهم إلى عناية ورعاية. .
أعبادة مثل هذا الصنم خير؟ أم عبادة الله سبحانه الذي منه كل الخير وكل النعم. . والذي يأمر بالعدل. . فلا يفضل أحدا من عباده على أحد. . والذي يعطي لعباده الصراط المستقيم. . الذي لا اعوجاج فيه. . والموصل إلى الجنة في الآخرة. . إن الله سبحانه وتعالى يشرح بهذا المثل غباء فكر المشركين الذين يعبدون الأصنام ويتركون عبادة الله تبارك وتعالى.
وهكذا يعطينا هذان المثلان توضيحا لقضية الوحدانية والألوهية. . ثم يأتي الله سبحانه وتعالى بمثل آخر. . يضرب لنا مثلا لنوره. . هذا النور الإلهي الذي يضيء الدنيا والآخرة. . فيضيء القلوب المؤمنة. . إنه يريد أن يضرب لنا مثلا لهذا النور بشيء مادي محس. . فيقول جل جلاله:{الله نُورُ السماوات والأرض مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ المصباح فِي زُجَاجَةٍ الزجاجة كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يضياء وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ على نُورٍ يَهْدِي الله لِنُورِهِ مَن يَشَآءُ وَيَضْرِبُ الله الأمثال لِلنَّاسِ والله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلَيِمٌ}[النور: ٣٥]