يأخذون الآيات على ظاهرها، يقولون: كيف يخاطبهم بيا أيها الذين آمنوا ثم يقول: آمِنوا، كيف وهم يؤمنون بالفعل؟
قالوا: المراد يا أيها الذين آمنوا قبل سماع الحكم الجديد ظَلُّوا على إيمانكم في الحكم الجديد، واستمِرّوا على إيمانكم؛ لذلك إذا طلبتَ شيئاً ممَّنْ هو موصوف به فاعلم أن المراد الدوام عليه.
كما أن هناك فَرْقاً بين الإيمان بالحكم وبين تنفيذ الحكم، فقد تؤمن بالحكم أنه من الله ولا تشكّ فيه ولا تعترض عليه، لكنك لا تنفذه وتعصاه، فمثلاً في الحج يقول تعالى:{وَللَّهِ عَلَى الناس حِجُّ البيت. .}[آل عمران: ٩٧] الذي لله تعالى على عباده أنْ يحجوا البيت {مَنِ استطاع إِلَيْهِ سَبِيلاً. .}[آل عمران: ٩٧] وهذا شرط ضروري، فلا تكليفَ بلا استطاعة، ثم يقول:{وَمَن كَفَرَ}[آل عمران: ٩٧] .
فهل يعني هذا أن مَنْ لم يحج فهو كافر؟
قالوا: لا، لأن المراد: لله على الناس حكم يعتقده المؤمن، بأن لله على الناس حج البيت، فمن اعتقد هذا الاعتقاد فهو مؤمن، أما كونه ينفذه أو لا ينفذه هذه مسألة أخرى.
ثم يبدأ أول ما يبدأ في التكليف بمسألة الصلاة:{اركعوا واسجدوا وَاعْبُدُواْ رَبَّكُمْ. .}[الحج: ٧٧] لقد جاء الرسل من عند الله بتكاليف كثيرة، لكن خَصَّ هنا الصلاة لأنها التكليف الذي يتكرر كل يوم خمس مرات، أما بقية التكاليف فهي موسمية: فالصوم شهر في العام كله، والحج مرة في العمر كله لمن استطاع، والزكاة عند خروج المحصول لمن يملك النصاب أو عند حلول الحَوْل.
إذن: تختلف فريضة الصلاة عن باقي الفرائض؛ لذلك خَصَّها