من أجلك يعمل لك ويُؤدِّي مهمته، فعليك أيضاً أن تؤدي مهمتك التي خلقتُك من أجلها.
لذلك وضع لك ربُّك قانون صيانتك بافعل كذا ولا تفعل كذا، فعليك أن تلتزم الأمر فتؤديه فهو سِرُّ الجمال في الكون، وسِرُّ السعادة والتوافق في حركة الحياة، وعليك أن تجتنب النهي فلا تقربه؛ لأنه سيؤدي إلى قُبْح، وسيكشف عورة من عورات المجتمع، أما الأمور التي سكت عنها فأنت حُرٌّ فيها تفعل أو لا تفعل؛ لأن ذلك لا يأتي بقبيح في المجتمع، وهذه المسائل تُسمَّى المباحات، وقد تركها الله لحريتك واختيارك.
والحق - تبارك وتعالى - لما استدعى الإنسان إلى هذا الكون خلق له مقومات حياته من مُقوِّمات استبقاء الحياة من طعام وشراب وهواء واستبقاء النوع بالتناسل، وقد شمل قانون الصيانة كل هذه المقومات، فنظمها وحدد ما يحل وما يحرم. فقال: كُلْ هذه ولا تأكل هذه، واشرب هذا ولا تشرب ذاك، ولو شاهدنا المخترعين في مسائل المادة نجد الصانع يحدد مقومات صنعته، فمثلاً هذا الجهاز يعمل على ١١٠ فولت، وهذا يعمل ٢٢٠ فولت، وهذه الآلة تعمل بالبنزين، وهذه بالسولار، فلو غيَّرت في هذه المقومات تفسد الآلة ولا تؤدي مهمتها.
كذلك - ولله المثل الأعلى - عليك أن تلتزم بقانون ومنهج خالقك عَزَّ وَجَلَّ، ولا تَحِدْ عنه، وإلا فسد حالك وعجزتَ عن أداء مهمتك في الحياة. فإن أردنا أن تستقيم لنا الخلافة التي خلقنا الله لها وهي خلافة مُصلحة لا مُفسدة، فعلينا بقانون الصيانة الذي وضعه لنا خالقنا عَزَّ وَجَلَّ.