ويقول تعالى لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:{قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يوحى إِلَيَّ أَنَّمَآ إلهكم إله وَاحِدٌ}[فصلت: ٦] ومن هنا كانت الأفضلية في أنه بَشر يُوحَى إليه، وما بشريته إلا للإيناس والإلْف.
ثم يتابع الحق سبحانه مقالة هؤلاء الكافرين من قوم نوح:{يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ}[المؤمنون: ٢٤] يتفضّل: يعني ينسب نفسه إلى الفضل والشرف والسيادة ليكون متبوعاً وهم تابعون {وَلَوْ شَآءَ الله}[المؤمنون: ٢٤] يعني: لو شاء أنْ يرسل رسولاً {لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً}[المؤمنون: ٢٤] أي: رسلاً، وقد رَدَّ الله تعالى عليهم هذا القول، فقال تبارك وتعالى:{قُل لَوْ كَانَ فِي الأرض ملائكة يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السمآء مَلَكاً رَّسُولاً}[الإسراء: ٩٥] .
ثم يقولون:{مَّا سَمِعْنَا بهذا في آبَآئِنَا الأولين}[المؤمنون: ٢٤] المراد بهذا: يعني أن يأتي مَنْ يقول اعبدوا الله ما لكم من إله غيره، لأن آباءنا الأولين كانوا يعبدون الأصنام، ولم يأْتِ مَنْ يقول لنا هذا الكلام مثل نوح.
وهذا دليل على أنهم مُقلِّدون للآباء، ليس لديهم تفكير واستقلال في الرأي ينظرون به إلى الأشياء نظرة الحق والعدالة، وفي موضع آخر قال تعالى عنهم:{إِنَّا وَجَدْنَآ آبَآءَنَا على أُمَّةٍ وَإِنَّا على آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ}[الزخرف: ٢٣] .
ولو تأملنا حال المجتمعات، ومنها مجتمعنا الذي نعيش فيه لوضح لنا كذب هؤلاء في ادعائهم التقليد للآباء، كيف؟ تأمل حال