المكذِّبين للرسل في كل زمان ومكان، وقد اتُّهِم بها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، فردَّ الله عليهم ونفى عن رسوله هذه الصفة في قوله:{ن والقلم وَمَا يَسْطُرُونَ مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ وَإِنَّكَ لعلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}[القلم: ١ - ٤] .
فكيف يكون ذو الخلق مجنوناً؟ ولو كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مجنوناً، فلماذا استأمنوه على ودائعهم ونفائسهم، واطمأنوا إليه، وسمَّوْه الصادق الأمين؟ إنهم ما فعلوا ذلك إلا لأنهم يعلمون خُلقه، وأنه محكوم بقيم من الحق والخير لا تتزحزح.
وما دام الأمر لا يعدو أن يكون رجلاً به جِنَّة {فَتَرَبَّصُواْ بِهِ حتى حِينٍ}[المؤمنون: ٢٥] أي: انتظروا واتركوه وشأنه، فربما عاد إلى صوابه، وترك هذه المسألة من تلقاء نفسه حين يرانا منصرفين عنه غير مُهتمين به، أو دَعُوه فإنْ كان على حق ونصرة الله وأظهر أمره عندها نتبعه، وإنْ كانت الأخرى فها نحن مُعرِضون عنه من بداية الأمر.