وقال لهم:«مَنْ كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة» .
وفعلاً، سار الصحابة نحو بني قريظة فيما بين العصر والمغرب، فمنهم مَنْ خاف أنْ يدركه المغرب قبل أنْ يصلي العصر، فصلى في الطريق ومنهم مَن التزم بأمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بألاَّ يصلي إلا في بني قريظة، حتى وإن أدركه المغرب، حدث هذا الخلاف إذن بين صحابة رسول الله وفي وجوده، لكنه خلاف فرعي، لَمَّا رفعوه إلى رسول الله وافق هؤلاء، ووافق هؤلاء، ولم ينكر على أحد منهم ما اجتهد.
إذن: في المسائل الاجتهادية ينبغي أن نحترم رأي الآخرين؛ لذلك فالعلماء - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم - وأصحاب الفكر المتزن يقولون: رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأْي غيري خطأ يحتمل الصواب. فليت المسلمين يتخلصون من هذه الآفة التي فرَّقتهم، وأضعفتْ شوكتهم بين الأمم. ليتهم يذكرون دائماً قول الله تعالى:{إِنَّ الذين فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ. .}[الأنعام: ١٥٩] .
ولما تكلم الحق - تبارك وتعالى - عن مسألة الوضوء، قال سبحانه:{يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصلاة فاغسلوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المرافق وامسحوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الكعبين. .}[المائدة: ٦] .