يحفظك، احفظ الله تجدْه تجاهك - أو وجاهك» يعني: مواجهك.
فإذا أُبدلَتْ التاء الأولى في (تتراً) واواً تقول (وتراً) يعني: متتابعين فَرَْداً، والوتر هو الفَرْد.
ثم يقول سبحانه:{كُلَّ مَا جَآءَ أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ. .}[المؤمنون: ٤٤] فهذه طبيعة ولازمة من لوازم المرسل إليهم، وما من رسول أُرسل إلى قوم إلا كذّبوه، ثم يلجأ إلى ربه:{قَالَ رَبِّ انصرني بِمَا كَذَّبُونِ}[المؤمنون: ٣٩] .
ولو لم يُكذَّب الرسول ما كان هناك ضرورة لإرساله إليهم، وما جاء الرسول إلا بعد أن استشرى الباطل، وعَمَّ الطغيان، فطبيعي أنْ يُكذِّب من هؤلاء المنتفعين بالشر المستفيدين من الباطل والذين يدافعون عنه بكل قواهم، وكأن تكذيبهم للرسل دليل على صواب مجيء الرسل، وإلا لما كان هناك ضرورة لرسالات جديدة.
وقوله تعالى:{فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضاً. .}[المؤمنون: ٤٤] يعني: يمضي واحد ويأتي غيره من الرسل، أو نهلك المكذِّبين ثم يأتي بعدهم آخرون، فيكذبون فنهلكهم أيضاً.
{وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ. .}[المؤمنون: ٤٤] أحاديث: إما جَمْعاً لحديث كما نقول: أحاديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أو جمع: أحدوثة. وهي المقولة التي يتشدَّق بها الجميع، وتلوكُها كل الألسنة، ومن ذلك قول الإنسان إذا كثُر كلام الناس حوله:(جعلوني حدوتة) يعني على سبيل التوبيخ والتقريع لهم.
فقوله:{وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ. .}[المؤمنون: ٤٤] كأنه لم يبْقَ منهم