سبحانه عن المثنى بالمفرد {آيَةً. .}[المؤمنون: ٥٠] لأنهما مشتركان فيها: مريم آية لأنها أنجبت من غير زوج، وعيسى آية لأنه وُلِد من غير أب، فالآية إذن لا تكون في أحدهما دون الآخر، وهما فيها سواء.
لذلك يراعي النص القرآني هذه المساواة فيُقَدِّم عيسى في آية:{وَجَعَلْنَا ابن مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً. .}[المؤمنون: ٥٠] ويقدم مريم في آية أخرى: {وَجَعَلْنَاهَا وابنهآ آيَةً لِّلْعَالَمِينَ}[الأنبياء: ٩١] هذه العدالة في النص لأنهما سواء في الخيرية لا يتميز أحدهما على الآخر.
والآية هي الأمر العجيب الذي يُثبت لنا طلاقة قدرة الخالق في الخَلْق، وحتى لا يظن البعض أن مسألة الخَلْق مسألة (ميكانيكية) من أب وأم، لذلك كان وجه العجب في خَلْق عيسى أن يخرج عن هذه القاعدة ليجعله الله دليلاً على قدرته تعالى، فإنْ أراد أنْ يخلق خلق من العدم، أو من أب فقط، أو من أم فقط، وحتى في اكتمال العنصرين يوجد الأب والأم، لكن لا يوجد الإنجاب، إذن: المسألة إرادة لله عَزَّ وَجَلَّ، وطلاقة لقدرة إلهية لا حدودَ لها.