العمل الصالح يحتاج إلى جهاز سليم متوافق من داخله؛ لذلك في سيرة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن أم عبد الله أخت شداد بن أوس، أرسلت إلى النبي في يوم صامه وهو حارّ شيئاً من اللبن يفطر عليه، وهو صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يعلم أنها فقيرة لا تَملك شيئاً فأرسل إليها: من أين لك هذا اللبن؟ فأرسلت إليه: من شاة عندي، فبعث إليها: ومن أين لك بالشاة؟ قالت: اشتريتها بمال دبّرته. فشرب رسول الله من اللبن.
وإنْ كنا نحن لا نتحرى في مَطْعمنا كُلَّ هذا التحري، لكن هذا رسول الله الذي يُنفذ منهج الله كما جاءه، وعلى أكمل وجه. وفي الحديث الشريف:«أيها الناس، إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال:{ياأيها الرسل كُلُواْ مِنَ الطيبات واعملوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}[المؤمنون: ٥١] وقال: {ياأيها الذين آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ. .}[البقرة: ١٧٢] ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذِّي بالحرام، فأنَّى يُستجاب لذلك؟» .
نعم، كيف يُستجاب له وهو يدعو الله بجهاز إرسال فاسد مُشوّش دَنَّسه وخالطه الحرام؟
وفي حديث سيدنا سعد رَضِيَ اللَّهُ عَنْه لما قال لرسول الله: يا رسول الله ادْعُ الله لي أنْ أكون مُستجاب الدعوة، فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «