فاللهُ قَدْ ضَربَ الأقلَّ لنوره ... مثلاً من المِشْكَاةِ والنّبْراسِ
فأعجب أحمد بن المعتصم والحاضرون من ذكائه وأمر بأن تضاعف جائزته. والله سبحانه وتعالى. . يضرب لنا المثل بما سيشهده المؤمنون في الجنة. . فيقول جل جلاله:{مَّثَلُ الجنة التي وُعِدَ المتقون فِيهَآ أَنْهَارٌ مِّن مَّآءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى}[محمد: ١٥]
هذه ليست الجنة. . ولكن هذا مثل يقرب الله سبحانه وتعالى لنا به الصورة بأشياء موجودة في حياتنا. . لأنه لا يمكن لعقول البشر أن تستوعب أكثر من هذا. . والجنة فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. . ومن هنا فإنه لا توجد أسماء في الحياة تعبر عما في الجنة. . واقرأ قوله تعالى:{فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}[السجدة: ١٧]
فإذا كانت النفس لا تعلم. . فلا توجد ألفاظ تعبر عما يوجد في الجنة. . والمثل متى شاع استعماله بين الناس سمي مثلا. . فأنت إذا رأيت شخصا مغترا بقوته. . وتريد أن تفهمه أنك أقوى منه تقول له. . إن كنت ريحا فقد لاقيت إعصارا. . ولا توجد ريح ولا إعصار فيما يحدث بينكما. . وإنما المراد المعنى دون التقيد بمدلول الألفاظ.
فالحق سبحانه وتعالى. . يريد أن يعطينا صورة. . عما في داخل قلوب المنافقين. . من اضطراب وذبذبة وتردد في استقبال منهج الله. . وفي الوقت نفسه