خاصة، بحيث لا تحل إلا في بنية سليمة، وقد أوضحنا هذه المسألة - ولله المثل الأعلى - بلمبة الكهرباء، فقوة الكهرباء كامنة في الإسلاك لا نرى نورها إلا وضعنا اللمبة مكانها، ويكون لها مواصفات بحيث لا تضيء إلا إذا توفرتْ لها هذه الصفات، فإنْ كُسِرَت ينطفيء نورها.
ثم يقول تعالى:{وَلَهُ اختلاف الليل والنهار. .}[المؤمنون: ٨٠] الليل يحل بغياب الشمس وحلول الظُّلْمة التي تمنع رؤية الأشياء، وقديماً كانوا يظنون أن الرؤية تتم حين يقع شعاع من العين على المرئي، ثم جاء العالم المسلم الحسن بن الهيثم، فأثبت خطأ هذه النظرية، وقرر أن الرؤية تتم حين يقع شعاع من المرئيّ على العين فتراه، بدليل أنك لا ترى الشيء إنْ كان في الظلام.
وظُلْمة الليل تنبهنا إلى أهمية الضوء الذي لا بُدَّ منه لنهتدي إلى حركة الحياة، والإنسان يواجه خطورة إنْ سار في الظلام؛ لأنه إمِّا أن يصطدم بأضعف منه فيحطمه، أو بأقوى منه فيؤلمه ويؤذيه.
إذن: لا بُدَّ من وجود النور لتتم به حركة الحياة والسَّعْي في مناكب الأرض، وكذلك لا بُدَّ من الظُّلْمة التي تمنع الإشعاع عن الجسم، فيستريح من عناء العمل، وقد أثبت العلم الحديث خطر الإشعاعات على صحة الإنسان.
لذلك يقول تعالى:{وَلَهُ اختلاف الليل والنهار. .}[المؤمنون: ٨٠] فجعلهما يختلفان ويتعاقبان ليؤدي كل منهما وظيفته في الكون، يقول تعالى:{والليل إِذَا يغشى والنهار إِذَا تجلى}[الليل: ١ - ٢] وطالما أن لكل منهما مهمته، فإياك أن تقلب الليل إلى نهار، أو النهار إلى ليل؛ لأنك بذلك تخالف الطبيعة التي خلقك الله عليها، وانظر إلى هؤلاء