فعل مِن جارحة بشدة على متأثر بهذا الضرب، وما هو الضرب في الأرض؟ إن الحق سبحانه وتعالى يريد أن يبين لنا أن الكفاح في الحياة يجب أن يكون في منتهى القوة، وإنك حين تذهب في الأرض فعليك أن تضربها حرثاً، وتضربها بذراً، لا تأخذ الأمر بهوادة ولين ولذلك يقول الحق:{هُوَ الذي جَعَلَ لَكُمُ الأرض ذَلُولاً فامشوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُواْ مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النشور}[الملك: ١٥]
إن الأرض مسخرة من الحق سبحانه للإنسان، يسعى فيها، ويضرب فيها ويأكل من رزق الله الناتج منها.
وحين يقول الله سبحانه في وصف الذين أحصروا في سبيل الله فلا يستطيعون الضرب في الأرض {يَحْسَبُهُمُ الجاهل أَغْنِيَآءَ مِنَ التعفف} أي يظنهم الجاهل بأحوالهم أنهم أغنياء، وسبب هذا الظن هو تركهم للمسألة، وإذا كان التعفف هو ترك المسألة فالله يقول بعدها:{تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ الناس إِلْحَافاً} والسمة هي العلامة المميزة التي تدل على حال صاحبها، فكأنك ستجد فيهم خشوعاً وانكساراً ورثاثة هيئة وإن لم يسألوا أو يطلبوا، ولكنك تعرفهم من حالتهم التي تستحق الإنفاق عليهم، وإذا كان التعفف هو ترك المسألة فالله يقول بعدها:{لاَ يَسْأَلُونَ الناس إِلْحَافاً} فكأنه أباح مجرد السؤال ولكنه نهى عن الإلحاحٍ والإلحاف فيه، ولو أنهم سألوا مجرد سؤال بلا إلحاف ولا إلحاح أَمَا كان هذا دليلاً على أنهم ليسوا أغنياء؟ نعم، لكنه قال:{يَحْسَبُهُمُ الجاهل أَغْنِيَآءَ مِنَ التعفف} إذن فليس هناك سؤال، لا سؤال على إطلاقه، ومن باب أولى لا إلحاف في السؤال؛ بدليل أن الحق يقول:{تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ} ، ولو أنهم سألوا لكنا قد عرفناهم بسؤالهم، إذن فالآية تدلنا على أن المنفي هو مطلق السؤال، وأما كلمة «الإلحاف» فجاءت لمعنى من المعاني التي يقصد إليها أسلوب الإعجازي، ما هو؟
إن «السيما» كما قلنا هي العلامة المميزة التي تدل على حال صاحبها، فكأنك ستجد خشوعاً وانكساراً ورثاثة هيئة وإن لم يسألوا أي أنت تعرفهم من حالتهم