كما نقول: هذا قاضٍ عَدْلٌ، وهذان قاضيان عَدْل، وهؤلاء قضاة عَدْل، ولم نقل: عدلان وعدول، فإذا وحِّد الوصف في الجميع بدون هوى كان الوصف كالشيء الواحد، فالقاضي لا يحكم بمزاجه وهواه، والآخر بمزاجه وهواه، إنما الجميع يصدرون عن قانون واحد وميزان واحد. إذن: فالعدل واحد لا يُقَال بالتشكيك، وليس لكل واحد منهم عدل خاص به، العّدْل واحد.
كذلك الحال في {الطفل. .}[النور: ٣١] مع أن المراد الأطفال، لكن قال (الطفل) لأن غرائزه مشتركة مع الكل، وليس له هَوىً، فكل الأطفال - إذن - كأنهم طفل واحد حيث لم يتكوّن لكل منهم فِكْره الخاص به، الجميع يحب اللهو واللعب، ولا شيءَ وراء ذلك، فالجمعية هنا غير واضحة لوجود التوحيد في الغرائز وفي الميول.
بدليل أنه إذا كَبِر الأطفال وانتقلوا إلى مرحلة البلوغ وتكوَّن لديهم هَوىً وفِكْر وميْل يقول القرآن عنهم:{وَإِذَا بَلَغَ الأطفال مِنكُمُ الحلم. .}[النور: ٥٩] فنظر هنا إلى الجمع لعدم التوحُّد في مرحلة الطفولة المبكرة.
ومن ذلك أيضاً قوله تعالى:{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ المكرمين}[الذاريات: ٢٤] فوصف ضيف وهي مفرد بالجمع (مكرمين) ؛ ذلك لأن ضَيْف تدل أيضاً على الجمع، فالضيف من انضاف على البيت وله حَقٌّ والتزامات لا بُدَّ أن يقدمها المضيف، مما يزيد على حاجة البيت، والضيف في هذه الالتزامات واحد، سواء كان مفرداً أو جماعة؛ لذلك دَلَّ بالمفرد على الجميع.
وقوله تعالى:{الذين لَمْ يَظْهَرُواْ على عَوْرَاتِ النسآء. .}[النور: ٣١] يظهر على كذا: لها معنيان في اللغة: الأول: بمعنى يعلم كما في