هذا القول الحاسم يوضح أن الله لم يستثن ضعفاً ولا أضعافاً. إذن فقوله الحق:{يَآ أَيُّهَا الذين آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الربا أَضْعَافاً مُّضَاعَفَةً واتقوا الله لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[آل عمران: ١٣٠]
إن هذا القول الحكيم لم يجئ إلا ليبين الواقع الذي كانوا يعيشونه، ولم يستثن الله ضعفاً أو أضعافاً؛ لأن الحق جعل التوبة تبدأ من أن يأخذ الإنسان رأس ماله فقط، فلا يسمح الله لأحد أن يأخذ نصف الضعف أو الضعف أو الضعفين، ولا يسمح بالأضعاف ولا بالمضاعفات.
وكانوا يتعللون أن اتفاق الطرفين على أي أمر يعتبر تراضياً ويعتبر عقداً. وقد يكون ذلك صحيحاً إن لم يكن هناك مشرع أعلى من كل الخلق يسيطر على هذا التراضي. فهل كلما تراضى الطرفان على شيء يصير حلالاً؟
لو كان الأمر كذلك لكان الزنا حلالاً: لأنهما طرفان قد تراضيا. وكل ذلك لا يتأتى أي رضاء الطرفين إلا في الأمور التي ليس فيها تشريع صدر عن المشرع الأعلى، وهو الله الحيّ القيوم.
إن الله قد فرض أمراً يقضي على التراضي بيني وبينك؛ لأنه هو المسيطر، وهو الذي حكم في الأمر، فلا تراضي بيننا فيما يخالف ما شرع الله أو حكم فيه.
وإذا نظرنا نظرة أخرى فإننا نجد أن التراضي الذي يدعونه مردود عليه. إنه «تراضٍ» باطل بالفحص الدقيق والبحث المنطقي. لماذا؟ لأننا نقول إن التراضي إنما ينشأ بين اثنين لا يتعدى أمر ما تراضيا عليه إلى غيرهما، أما إذا كان الأمر قد تعدى من تراضيا عليه إلى غيرهما فالتراضي باطل.