للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مساتير بينه وبين نفسه، لا يحب أن يطلع عليها أحد.

وقد اتخذ الله له بيتاً في الأرض، هو أول بيت وُضِع للناس، كما قال الحق سبحانه وتعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً} [آل عمران: ٩٦] .

وهذا هو بيت الله باختيار الله، ثم تعددتْ بيوت الله التي اختارها خَلْق الله، فكما اتخذتم لأنفسكم بيوتاً اتخذ الله لنفسه بيوتاً {أَذِنَ الله أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسمه} [النور: ٣٦] وأنتم جميعاً عباد الله وعيال الله، وسوف تجدون الراحة في بيته تعالى كما تجدون الراحة في بيوتكم، مع الفارق بين الراحة في بيتك والراحة في بيت الله.

الراحة في بيوتكم راحة حِسِّية بدنية في صالون مريح أو مطبخ مليء بالطعام، أمّا في بيت الله فالراحة معنوية قيمية؛ لأن ربك عَزَّ وَجَلَّ غيْبٌ فيريحك أيضاً بالغيب.

لذلك كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كلما حزبه أمر يقوم إلى الصلاة ليُلقي باحماله على ربه. وماذا تقول في صنعة تُعرض على صانعها مرة واحدة كل يوم، أيبقى بها عطل أو فساد؟ فما بالك إنْ عُرِضَتْ على صانعها خمس مرات في اليوم والليلة؟

فربُّكَ يدعوك إلى بيته ليريحك، وليحمل عنك همومك، ويصلح ما فسد فيك، ويفتح لك أبواب الفرج. إذن فنور على نور هذه لا تكون إلا في بيوت الله التي أذِن سبحانه أن تُرفعَ بالذكر وبالطاعات وترفع عما يحل في الأماكن الأخرى وتعظم.

<<  <  ج: ص:  >  >>