نظر. . إلخ إذن: فالنظر نفسه وهو أوثق شيء لديك قد يكذب عليك.
والتسبيح: هو التنزيه، والتنزيه أن ترتفع بالمنزّه عن مستوى ما يمكن أنْ يجولَ بخاطرك: فالله تعالى له وجود، وأنت لك وجود، لكن وجودَ الله ليس كوجودك، الله له ذاته وصفات، لكن ليست كذاتك وصفاتك. . إلخ.
إذن: نزَّه ذات الله تعالى عن الذوات التي تعرفها؛ لأنها ذوات وُهِبَتْ الوجود، أما ذات الله فغير موهوبة، ذات الله ذاتية، كذلك لك فِعْل، ولله تعالى فِعْل.
وقد ذكرنا في قوله تعالى:{سُبْحَانَ الذي أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المسجد الحرام إلى المسجد الأقصا}[الإسراء: ١] .
إن الذين اعترضوا على هذا الفعل اعترضوا بغباء، فلم يُفرِّقوا بين فِعْل الله وفِعْل العبد، فرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لم يقل: سريْتُ من مكة ألى بيت المقدس. إنما قال: أُسْرِي بي.
فالاعتراض على هذا فيه مغالطة، فإنْ كنتم تضربون إليها أكباد الإبل شهراً؛ فذلك لأن سَيْركم خاضع لقدرتكم وإمكاناتكم، أمّا الله تعالى فيقول للشيء: كُنْ فيكون، فلا يحتاج في فِعْله سبحانه إلى زمن. فمن الأدب أَلاَّ تقارن فِعْل الله بفعلك، ومن الأدب أنْ تُنزِّه الله عن كل مَا يخطر لك ببال، نزَّه الله ذاتاً، ونزِّهه صفاتاً، ونزهه أفعالاً.
ألا ترى أن (سبحان) مصدر للتسبيح، يدل على أن تنزيه الله ثابت له سبحانه قبل أن يخلق مَنْ ينزهه، كما جاء في قوله تعالى:
{شَهِدَ الله أَنَّهُ لاَ إله إِلاَّ هُوَ}[آل عمران: ١٨] فشهد الحق تبارك وتعالى لنفسه قبل أنْ تشهدوا، وقبل أن تشهد الملائكة، فهذه هي