قالوا: خَصَّها لأن لها خصوصية أخرى وعجيبة، يجب أن نلتفت إليها؛ لأن الله تعالى يريد أنْ يجعل الطير مثلاً ونموذجاً لشيء أعظم، فالطير كائن له وزن وثِقل، يخضع لقانون الجاذبية التي تجذب للأرض كُلَّ ثقل يعلَقُ في الهواء.
لكن الحق سبحانه وتعالى يخرق هذا القانون للطير حين يصُفُّ أجنحته في الهواء، يظل مُعلّقاً لا يسقط:{أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطير فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ الرحمن}[الملك: ١٩] .
وكان الخالق عَزَّ وَجَلَّ يقول: خُذُوا من الطير المشاهد نموذجاً ووسيلة إيضاح، فإذا قلتُ لكم:{وَيُمْسِكُ السمآء أَن تَقَعَ عَلَى الأرض إِلاَّ بِإِذْنِهِ}[الحج: ٦٥] فَصِدِّقوا وآمنوا أن الله يُمسك السماء، بل:{إِنَّ الله يُمْسِكُ السماوات والأرض أَن تَزُولاَ وَلَئِن زَالَتَآ إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ}[فاطر: ٤١] .
فخُذْ من المشهد الذي تدركه دليلاً على ما لا تدركه.
لكن، مَن الفاعل في {عَلِمَ صَلاَتَهُ وَتَسْبِيحَهُ}[النور: ٤١] .
يمكن أن يكون الفاعل الطير وكل ما في الوجود، وأحسن منه أن نقول: علم الله صلاتها وتسبيحها؛ لأنه سبحانه خالقها وهاديها إلى هذا التسبيح. إذن: فكل ما في الوجود يعلم صلاته ويعلم تسبيحه، كما تعلم أنت المنهج، لكنه استقام على منهجه لأنه مُسخّر وانحرفت أنت لأنك مُخيَّر.