ومن هنا يجب أن نلفت الذين يقولون بالربا، ونقول لهم: قولوا: إن الربا حرام، ولكننا لا نقدر على أنفسنا حتى نبطله ونتركه، وعليكم أن تجاهدوا أنفسكم على الخروج منه حتى لا تتعرضوا لحرب الله ورسوله. إنهم باعتقادهم أن الربا حرام يكونون عاصين فقط، أما أن يحاولوا تبرير الربا ويحللوه فسيدخلون في دائرة أخرى شر من ذلك، وهي دائرة الكفر والعياذ بالله.
وقد عرفنا أن آدم عليه السلام عصى ربه، وأكل من الشجرة، وإبليس عصى ربه، فلما تلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه، أما إبليس فقد طرده الله، ولماذا طرد الله إبليس وأحل عليه اللعنة؟
لأن آدم أقر بالذنب وقال:«ربنا ظلمنا أنفسنا» . لقد اعترف آدم: حكمك يا رب حكم حق، ولكني ظلمت نفسي. ولكن إبليس عارض في الأمر وقال:{أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً} ، فكأنه رد الأمر على الآمر.
وبعد ذلك حين بين الله الحكم في الربا، وبين أن من انتهى له ما سلف، فماذا عن الذي يعود؟ {وَمَنْ عَادَ} وهي المقابل {فأولئك أَصْحَابُ النار هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} ، يريد سبحانه أن يقول: إياكم أن يخدعكم الربا بلفظه، فالألفاظ تخدع البشر؛ لأنكم سميتموه «ربا» بالسطحية الناظرة: لأن الربا هو الزيادة، والزكاة تنقص، فالمائة في الربا تكون مائة وعشرة مثلا حسب سعر الفائدة، وفي الزكاة تصبح المائة (٩٧. ٥) ، في الأموال وعروض التجارة، وتختلف عن ذلك في الزروع وغيرها، وفي ظاهر الأمر أن الربا زاد، والزكاة أنقصت، ولكن هذا النقصان وتلك الزيادة هي في اصطلاحاتكم في أعرافكم. والحق سبحانه وتعالى يمحق الزائد، وينمي الناقص؛ فهو سبحانه يقول:{يَمْحَقُ الله الربا وَيُرْبِي الصدقات ... }