نبغ فيهم شاعر افتخروا به ورفع من شأنهم، ولقد توفرت لرسول الله هذه الملَكة.
ولو كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ شاعراً لكان شاعراً مُبْدعاً، لكنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ما ينبغي له ذلك؛ لأن الشعر مبنيٌّ على التخيُّل؛ لذلك أبعده الله عن الشعر حتى لا يظن القوم أن ما يأتي به محمد من القرآن تخيلات شاعر، فلم تكُنْ طبيعة رسول الله جامدة لا تصلح للشعر، إنما كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ذا إحساس مُرْهَفٍ، ولو قُدِّر له أنْ يكون شاعراً لكان عظيماً.
وقالوا عن الشعر: أَعْذبه أكذبُه، لذلك لم يدخل رسول الله طِوَال حياته هذا المجال.
إذن: فقولهم {سُبْحَانَكَ}[الفرقان: ١٨] ردٌّ على {أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاَءِ}[الفرقان: ١٧] ثم يذكر الدليل على {أَمْ هُمْ ضَلُّوا السبيل}[الفرقان: ١٧] في قوله: {ولكن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَآءَهُمْ حتى نَسُواْ الذكر وَكَانُواْ قَوْماً بُوراً}[الفرقان: ١٨] فلما متَّعتهم يا ربّ أترفهم النعيم، وشغلتْهم النعمة عن المنعِم، فانحرفوا عن الجادَّة.
والآية تنبه المؤمن ألاّ يَأْسَى على نعيم فاته، فربما فتنك هذا النعيم وصرفك عن المنعِم عزَّ وجل، فمن الخير إذن أنْ يمنعه الله عنك؛ لأنك لا تضمن نفسك حال النعمة.
وقوله تعالى:{حتى نَسُواْ الذكر}[الفرقان: ١٨] أي: نسُوا المُنْعِم، وحَقُّ النعمة ألاَّ تُنَسِى المنعم، لذلك سبق أنْ قُلْنا: إن