فالتفت إليهم. والصرف: أن تدفع بذاتك عن ذاتك الشر إنْ تعرّض به أحد لك، والنصر: إذا لم تستطع أنت أنْ تدفع عن نفسك فيأتي مَنْ يدفع عنك.
ثم يقول سبحانه:{وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَاباً كَبِيراً}[الفرقان: ١٩] وقد يسأل سائل: لماذا يخاطب الحق سبحانه أولياءه بهذا العنف؟ قالوا: في الواقع ليس هذا العنف نَهْراً لأولياء الله، إنما زجر ولَفْتُ نظرٍ للآخرين، فإذا كان الحق سبحانه يخاطب أهل طاعته بهذا العنف، فما بالك بأعدائه، والخارجين على منهجه؟
إنهم حين يسمعون هذا الخطاب لا بُدَّ أن يقولوا: مع أن الله اصطفاهم وقرّبهم لم يمنعه ذلك أنْ يُوجِّههم إلى الحق وينهرهم.
ألم يقل سبحانه عن حبيبه ونبيه محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:{وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأقاويل لأَخَذْنَا مِنْهُ باليمين ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الوتين}[الحاقة: ٤٤٤٦] فالحق تبارك وتعالى يتحدث عن نبيه بهذه الطريقة ليخيف الآخرين ويرهبهم.
والظلم: أخْذُ حقِّ الغير، ما دام أن الله تعالى حرَّم ذلك، فهذا يعني أن الله يريد أنْ يتمتع كل واحد بثمرة مجهوده؛ لأن أمور الحياة لا تستقيم إنْ أخذ الإنسان ثمرةَ غيره، وتعوَّد أن يعيش على دماء الآخرين وعَرقهم؛ لذلك نرى في المجتمع بعض المجرمين والمنحرفين (الفاقدين) الذين يعيشون على عَرق الآخرين وهم لا يعرقون.