الكافرين من قومه. فهذا تسلية لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، فالله تعالى إنْ أراد الإنجاء يُنجِّي، وإنْ أراد الإهلاك يُهلِك، ولو بالشيء الواحد.
ألاَ ترى أن أصحاب موسى حينما رأوا البحر من أمامهم، وفرعون من خلفهم قالوا:{إِنَّا لَمُدْرَكُونَ}[الشعراء: ٦١] فهذه حقيقة وقضية كونية مَنْ يملك ردّها؟ إنما ردها موسى فقال (كَلاَّ) لن نُدرَك، قالها بملء فيه، لا ببشريته، إنما بالربوبية التي يثق في أنها لن تسلمه،
وكذلك كانت مسألة نوح عليه السلام، لكن بطريقة أخرى، هي السفينة، وفكرة السفينة لم تكُنْ موجودة قبل نوح عليه السلام، ألم يصادف واحد شجرة مُلْقاة في الماء تطفو على سطحه، ففكّر في ظاهرة الطفو هذه، وكيف أن الشجرة لم تغطس في الماء؛ لقد كان النجارون الماهرون يقيسون كثافة الخشب بأن يُلْقوه في الماء، ثم ينظروا مقدار الغطس منه في الماء، وعليه يعرفون كثافته.
هذه الظاهرة التي تنبه لها أرشميدس وبنَى عليها نظرية الأجسام الطافية والماء المُزَاح، وتوصّل من خلالها إلى النقائض، فبها تطفو الأشياء أو تغوص في الماء، إنْ زادت الكثافة يثقل الشيء ويغوص في الماء، وإنْ قلَّتْ الكثافة يطفو.
وتلاحظ ذلك إذا رميتَ قطعة نقود مثلاً، فإنها تغطس في الماء، فإنْ طرقتَها حتى جعلتها واسعةَ الرقعة رقيقة، فإنها تطفو مع أن الكتلة واحدة، نعم الكتلة واحدة، لكن الماء المُزَاح في الحالة الثانية أكثر، فيساعد على طفْوها.
وقد أراد الحق تبارك وتعالى أن يُنبِّه الإنسان إلى هذه الظواهر، ويهديه إلى صناعة السفن التي تحمله في الماء؛ لأن ثلاثة