تلحظ أن كل هؤلاء الرسل قالوا:{إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ على رَبِّ العالمين}[الشعراء: ١٠٩] عدا إبراهيم وموسى عليهما السلام لم يقولا هذه الكلمة، لماذا؟
قالوا: لأنك حين تطلب أجراً على عمل قمتَ به لا يكون هناك ما يُوجب عليك أنْ تعمل له مجاناً، فأنت لا تتقاضى أجراً إنْ عملتَ مثلاً مجاملةً لصديق، وكذلك إبراهيم عليه السلام أول ما دعا إلى الإيمان دعا عمه آزر، ومثل هذا لا يطلب منه أجراً، وموسى عليه السلام أول ما دعا دعا فرعون الذي احتضنه وربَّاه في بيته، ولو طلب منه أجراً لقال له: أيّ أجر وقد ربَّيتك وو. . إلخ.
الآية الأخرى في الاستثناء هي قوله تعالى:{قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ المودة فِي القربى}[الشورى: ٢٣] فكأن المودة في القربى أجر لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ على رسالته، لكن أيُّ قُرْبى: قُرْبى النبي أم قُرْباكم؟
لا شكَّ أن النبي الذي يجعل حُبَّ القريب للقريب ورعايته له هو أجره، يعني بالقُرْبى قُرْبى المسلمين جميعاً، كما قال عنه ربُّه عَزَّ وجَلَّ:{النبي أولى بالمؤمنين مِنْ أَنْفُسِهِمْ}[الأحزاب: ٦] .