للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهكذا جعل الله لنا ميزاناً بين الإسراف والتقتير؛ ذلك لأن المال قِوَام الحياة، والذي يُقتِّر يُقتِّر على نفسه وعلى الناس، فليست له مطلوبات يشتريها، ويشارك بها في حركة الحياة، وينتفع بها غيره، فهذه السلع وهذه الصناعات وهؤلاء العمال، وأهل الحِرَف من أين يرتزقون إذن وليس هناك استهلاك ورواج لسلعهم؟ لا شَكَّ أن التقتير يُحدِث كساداً، ويُحدِث بطالة، وهما من أشد الأمراض فتكاً بالمجتمع.

ولو نظرتَ إلى رغيف العيش، وهو أبسط ضروريات الحياة، كم وراءه من عمال وصُنَّاع وزُرَّاع ومهندسين ومطاحن ومخازن ومصانع وأفران، وهَبْ أنك أحجمت مثلاً عنه، ماذا يحدث؟

إذن: ربك يريدك أن تنفق شيئاً، وتدخر شيئاً يتيح لك تحقيق ارتقاءات حياتك وطموحاتها؛ لذلك خُتِمَتْ الآية السابقة بقوله تعالى: {فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً} [الإسراء: ٢٩] .

ملومَ النفس لما بددتَ من أموال لم ينتفع بها عيالك، ومحسوراً حينما ترى غيرك ارتقى في حياته وأنت لم تفعل شيئاً. إذن: فالإنسان ملومٌ إنْ أسرف، محسورٌ إنْ قتّر، والقوام في التوسُّط بين الأمرين، وبالحسنة بين السيئتين، كما قال عمر بن عبد العزيز رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، ولذلك قالوا: خير الأمور الوسط.

ثم يقول الحق سبحانه:

<<  <  ج: ص:  >  >>