يبحث في الحكمة؛ لأن الحكمة في هذا الأمر أنه صادر من الله، وحين ينفذ المؤمن التكليف الصادر من الله فسيعلم سر هذه الحكمة فيما بعد؛ فأسرار الحكم عند الله تأتي للمؤمن بعد أن يقبل على تنفيذ التكاليف الإيمانية.
إن الحق سبحانه على سبيل المثال لا يقنع العبد بأسرار الصوم، ولكن إن صام العبد المؤمن كما قال الله وعند ممارسة المؤمن لعبادة الصوم سيجد أثر حكمة الصوم في نفسه بما لا يمكن إقناعه به أولا. إن المؤمن حين يفعل التكليف الإيماني فإن الله يعلمه حكمة التكليف. ولنا في قوله سبحانه الدليل الواضح:{يِا أَيُّهَا الذين آمنوا إِن تَتَّقُواْ الله يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ والله ذُو الفضل العظيم}[الأنفال: ٢٩]
إن الله سبحانه يَعِدُ عباده المؤمنين أنهم عندما يتقونه فإنه يجعل لهم دلائل تبين لهم الحق من الباطل ويستر عنهم السيئات ويغفر لهم. لماذا؟ لأن الله الذي يعلمنا هو الحق سبحانه العليم بكل شيء.
وعلم الله ذاتي، أما علم الإنسان فقد يكون أثرا من ضغط الأحداث عليه فيفكر الإنسان في تقنين شيء يخرجه مما يكون فيه من شر ولكن علم العليم الأعلى سابق على ذلك لأنه علم ذاتي.
وفيما سبق علمنا أن الله سبحانه وتعالى قد أعطى الديْن هذه العناية ليضمن للحياة حركتها الطاهرة، حركتها السليمة؛ لأن المعدم لا وسيلة له في حركة الحياة إلا أمور ثلاثة، الأمر الأول: الرِّفْدُ أي عطاء تطوعي يستعين به على حركة الحياة. والأمر الثاني: الفرض الذي فرضه الله في الزكاة. والأمر الثالث: القرض الذي شرعه.
فعندما لا يجد المؤمن المعدم الرفد أو الفرض فماذا يكون بعد ذلك؟ إنه القرض. إذن فالقرض هو المفزَع الثالث للحركة الاقتصادية عند المعدمين. وعرفنا أن القرض عند الله يفوق ويعلو الصدقة في الثواب؛ لأن الصدقة حين تتصدق بها تكون قد خرجت من نفسك من أول الأمر فلا مشغولية لذهنك بعد ذلك، ولكن القرض