سيصبح أسوة عند جميع الناس وسيقول كل من عنده مال: لا أعطي أحداً شيئاً لأن فلاناً الغني مثلي قد أعطى فلاناً الفقير وماطله وأكله، وعند ذلك تتوقف حركة الحياة ولكن إذا كان الدين موثقا ومكتوبا فإن المدين يكون حريصا على أدائه. والله يريد أن يضمن لحركة الحياة دواماً واستمراراً شريفاً نظيفاً. ولذلك نجد في آية الدَّين أن كلمة «الكتابة» ومادتها «الكاف والتاء والباء» تتكرر أكثر من مرة بل مرات كثيرة.
{ياأيها الذين آمنوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى فاكتبوه وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بالعدل وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ الله فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الذي عَلَيْهِ الحق وَلْيَتَّقِ الله رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإن كَانَ الذي عَلَيْهِ الحق سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بالعدل واستشهدوا شَهِيدَيْنِ مِّن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وامرأتان مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشهدآء أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأخرى وَلاَ يَأْبَ الشهدآء إِذَا مَا دُعُواْ وَلاَ تسأموا أَن تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَو كَبِيراً إلى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ الله وَأَقْومُ لِلشَّهَادَةِ وأدنى أَلاَّ ترتابوا إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا وأشهدوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ واتقوا الله وَيُعَلِّمُكُمُ الله والله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}[البقرة: ٢٨٢]
وهذا التكرار في هذه الآية لعملية الكتابة يؤصل العلاقة بين الناس؛ فالكتابة هي عمدة التوثيق، وهي التي لا تغش، لأنك إن سجلت شيئاً على ورقة فلن تأتي الورقة لتنكر ما كتبته أنت فيها، ولكن الأمر في الشهادة قد يختلف، فمن الجائز أن يخضع الشاهد لتأثير ما فينكر الحقيقة، ولذلك فإن الحق يعطينا قضية إيمانية جديدة حين يقول:«أن يكتب كما علمه الله» أي أن يكتب الكاتب على وفق ما علمه الله،