ثم يذكر سبحانه بعدها صفة الرحمة، فهو سبحانه مع عزته رحيم، إنه تعالى رحيم حين يَغْلب، ألم يتابع لهم الآيات ويَدْعُهم إلى النظر والتأمل، لعلَّهم يثوبون إلى رُشْدهم فيؤمنوا؟ فلما أصرُّوا على الكفر أمهلهم، ولم يأخذهم بعذاب الاستئصال، كما أخذ الأمم الأخرى حين كذَّبتْ رسلها.
كان الرسل قبل محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يُبلِّغون الدعوة، ويُظهرون المعجزة، فمَنْ لم يؤمن بعد ذلك يعاقبه الله، كما قال سبحانه:{فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّن أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَّنْ أَخَذَتْهُ الصيحة وَمِنْهُمْ مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الأرض وَمِنْهُمْ مَّنْ أَغْرَقْنَا}[العنكبوت: ٤٠] .
أمَّا أمة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقد قال تعالى في شأنها:{وَمَا كَانَ الله لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ الله مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}[الأنفال: ٣٣] .
وقال هنا:{وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ العزيز الرحيم}[الشعراء: ٩] فالحق تبارك وتعالى في كل هذه الآيات يُسلِّي رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، ويعطيه عبرةً من الرسل الذين سبقوه، فليس محمد بِدْعاً في ذلك، ألم يقل