إذن: الموت لم يدَّعه أحدٌ لنفسه، ولما ادعاه النمرود جادله إبراهيم عليه السلام في ذلك، وكشف زيف هذا الادعاء، كما قال تعالى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الذي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ الله الملك إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الذي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ}[البقرة: ٢٥٨] .
ولم يفعل إلا أنْ جاء برجل فأمر بقتله، ثم عفا عنه؛ لذلك رأى إبراهيم عليه السلام أنْ يقطع عليه الطريق، فقال:{فَإِنَّ الله يَأْتِي بالشمس مِنَ المشرق فَأْتِ بِهَا مِنَ المغرب فَبُهِتَ الذي كَفَرَ}[البقرة: ٢٥٨] .
وهكذا أنهى هذه السفسطة، وكشف حقيقة هذا المكابر المعاند.
وتأمل حرف العطف {والذي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ}[الشعراء: ٨١] و (ثم) تفيد العطف مع التراخي، ولم يقل: ويحيين؛ لأن الواو تفيد مُطلَق العطف، وبين الموت والإحياء الآخر مسافة طويلة، ألا ترى قوله تعالى:{ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ ثُمَّ إِذَا شَآءَ أَنشَرَهُ}[عبس: ٢١٢٢] .