وحين نتأمل الآيتين نجد أن لكل منهما معناها الخاص بها، وليس فيهما تكرار كما يظن البعض.
ففي الآية الأولى:{وَلاَ تقتلوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ}[الإسراء: ٣١] إذن: فالفقر غير موجود، والأب يخاف أن يأتي الفقر بسبب الأولاد، فهو مشغول برزق الولد، لا برزقه هو؛ لأنه غني غير محتاج؛ لذلك قدَّم الأولاد في عَجُز الآية، كأنه يقول للأب: اطمئن فسوف نرزق هؤلاء الأولاد أولاً، وسوف تُرزَق أنت أيضاَ معهم.
أما الآية الأخرى:{وَلاَ تقتلوا أَوْلاَدَكُمْ مِّنْ إمْلاَقٍ}[الأنعام: ١٥١] فالفقر في هذه الحالة موجود فعلاً، وشُغل الأب برزق نفسه أوْلى من شغله برزق ولده؛ لذلك قال في عَجُز الآية:{نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ}[الأنعام: ١٥١] فقدَّمهم على الأولاد.
إذن: لكل آية معناها الذي لا تؤديه عنها الآية الأخرى.
ثم يقول الحق سبحانه عنهم أنهم قالوا:{فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً}