المطر. . كل هذا بحساب دقيق في الخلق وفي كل مراحل المطر. .
ومادام الماء هو الذي به الحياة على الأرض. . فقد ضرب الله لنا به المثل كما ضرب لنا المثل بالنار وضوئها. . فكلها أمثلة مادية لتقرب إلى عقولنا ما هو غيب عنا. . فالماء يعطينا الحياة. .
لكن هؤلاء المنافقين. لم يلتفوا إلى هذا الخير. الذي ينزل عليهم من السماء من غير تعب أو جهد منهم. بل التفتوا إلى أشياء ثانوية، كان من المفروض أن يرحبوا بها لأنها مقدمات خير لهم. فالمطر قبل أن ينزل من السماء لابد أن يكون هناك شيء من الظلمة في السحاب الذي يأتي بالمطر. فيحجب أشعة الشمس إن كنا نهارا. ويخفي نور القمر والنجوم إن كنا ليلا. هذه الظلمة مقدمات الخير والماء. .
إنهم لم يلتفتوا إلى الخير الذي ملأ الله به سبحانه وتعالى الأرض. بل التفتوا إلى الظلمة فنفروا من الخير. . كذلك صوت الرعد ونور البرق.
الرعد يستقبله الإنسان بالأذن وهي آلة السمع. والبرق تستقبله العين. . وصوت الرعد قوي، أقوى من طاقة الأذن. ولذلك عندما يسمعه الإنسان يفزع، ويحاول أن يمنع استقبال الأذن له، بأن يضع أنامله في أذنيه.
وهؤلاء المنافقون لم يضعوا الأنامل. ولكن كما قال الله سبحانه وتعالى:{يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ في آذَانِهِم} ولم يقل أناملهم. وذلك مبالغة في تصوير تأثير الرعد عليهم. فكأنهم من خوفهم وذعرهم يحاول كل واحد منهم أن يدخل كل إصبعه في أذنه. ليحميه من هذا الصوت المخيف. فكأنهم يبالغون في خوفهم من الرعد.
ونلاحظ هنا أن الحديث ليس عن فرد واحد، ولكن عن كثيرين. . لأنه سبحانه وتعالى يقول «أصابعهم» نقول أن الأمر لجماعة يعني أمراً لكل فرد فيها، فإذا قال المدرس للتلاميذ أخرجوا أقلامكم، فمعنى ذلك أن كل تلميذ يخرج قلمه. . وإذا قال رئيس الجماعة اركبوا سياراتكم، فمعنى ذلك أن كل واحد يركب سيارته. . لذلك فإن معنى {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ في آذَانِهِم} أن كل واحد منهم يضع إصبعيه في أذنيه. .
لماذا يفعلون ذلك؟ {أنهم يفعلونه خوفا من الموت. لأن الرعد والبرق يصاحبهما الصواعق أحيانا، ولذلك فإنهم من مبالغتهم في الخوف يحس كل واحد منهم أن