وما دامت لم يُخلَق مثلها في البلاد، فهي أعظم من حضارة الفراعنة التي نشاهدها الآن، ويفد إليها الناس من كل أنحاء العالم ليشاهدوا الأهرام مثلاً، وقد بنيت لتكون مجرد مقابر، ومع تقدُّم العلم في عصر الحضارة والتكنولوجيا، ما زال هذا البناء مُحيِّراً للعلماء، لم يستطيعوا حتى الآن معرفةَ الكثير من أسراره.
ومن هذه الأسرار التي اهتدَوْا إليها حديثاً كيفية بناء أحجار الأهرام دون ملاط مع ضخامتها، وقد توصَّلوا إلى أنها بُنيَتْ بطريقة تفريغ الهواء مما بين الأحجار، وهذه النظرية تستطيع ملاحظتها حين تضع كوباً مُبلّلاً بالماء على المنضدة مثلاً، ثم تتركه فترةً حتى يتبخر الماء من تحته، فإذا أردتَ أن ترفعه من مكانه تجده قد لصق بالمنضدة.
وليس عجيباً أنْ تختفي حضارةٌ، كانت أعظم حضارات الدنيا تحت طبقات الرمال، فالرمال حين تثور تبتلع كل ما أمامها، حتى إنها طمرتْ قبيلة كاملة بجِمالها ورجالها، وهذه هبة واحدة، فما بالك بثورة الرمال، وما تسفوه الريح طوال آلاف السنين؟
وأنا واثق من أنهم إذا ما نبشوا هذه الرمال وأزاحوها لوجدوا تحتها أرضاَ خصبة وآثاراً عظيمة، كما نرى الاكتشافات الأثرية الآن كلها تحت الأرض، وفي فيينا أثناء حفر أحد خطوط المجاري هناك وجدوا آثاراً لقصور ملوك سابقين.
وطالما أن الله تعالى قال عن عاد:{أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ}[الشعراء: ١٢٨] فلا بُدَّ أن هناك قصوراً ومبانيَ مطمورة تحت هذه الرمال.