أن يُوقِظ غفلتنا ويُنبِّهنا ويُحذِّرنا من دعاة الباطل الذين يُزيِّنون لنا الإسراف في أمور حياتنا، ويُهوِّنون علينا الحرام يقولون: لا بأس في هذا، ولا مانع من هذا، وهذا ليس حرام. ربنا يعطينا المناعة اللازمة ضد هؤلاء حتى لا ننساق لضلالالتهم.
لذلك جاء في الحديث الشريف:«استفت قلبك، واستفتِ نفسك، وإنْ أفتوك، وإنْ أفتوك، وإنْ أفتوك» .
وفي هذا دليل على أنه سيأتي أناس يُفتون بغير علم، ويُزيِّنون للناس الباطل، ويُقنعونهم به. والفتوى من الفُتوة القوة، ومنه قوله تعالى:{قَالُواْ سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ}[الأنبياء: ٦٠] .
كذلك الفتوى تعني: القوة في أمر الدين والتمكُّن من مسائله وقضاياه، وإنْ كانت القوة المادية في أمر الدنيا لها حَدٌّ تنتهي عنده فإنْ القوة في أمر الدين لا تنتهي إلى حَدٍّ، لأن الدين أمدُه واسع، وبحره لا ساحلَ له. والقوة نعرفها في أي ناحية من النواحي، لكن قوة القوى هي القوة في أمر الدين.
نقول: فلان فتيٌّ يعني: قويٌّ بذاته، وأفتاه فلان أي: أعطاه القوة، كأنه كان ضعيفاً في حُكم من أحكام الشرع، فذهب إلى المفتي فأفتاه يعني: أعطاه فتوة في أمر الدين. مثل قولنا: غَنيَ فلان أي: بذاته، وأغناه أي: غيره، كما يقول سبحانه:{وَمَا نقموا إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ الله وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ}[التوبة: ٧٤] .