ثمرة حركتك أنت، وتذهب إليه وهو مطمئن في بيته، أنت بهذا العمل إنما تستر على الله بلاءه، وتكون يد الله التي يرزق بها هؤلاء، وعندها لا بُدَّ أن يحبك الفقير، وأنْ يدعو لك بالخير والبركة والزيادة والأَجْر والعافية والثواب، ويعلم أن الله خلقه ولم يُسلمه.
أمّا إنْ ضَنَّ الغنيُّ الواجد على الفقير المعدَم، وتخلى عن أهل البلاء، فلا بُدَّ أنْ يسخط الفقير على الغني، بل يسخط على الله والعياذ بالله لأنه ما ذنبه أن يكون فقيراً، وغيره غنيٌّ في مجتمع لا يرحم.
وعجيب أن نرى مُبتليً يُظهر بلواه للناس، بل ويستغلها في ابتزازهم، فيُظهِر لهم إعاقته، كأنه يشكو الخالق للخَلْق، ولو أنه ستر على الله بلاءه وعَلِم أنه نعمة أنعم الله بها عليه لَسخَّر الله له عافية غير المبتلى، ولجاءه رزقه على باب بيته، فلو رَضِي أهل البلاء لأعطاهم الله على قَدْر ما ابتلاهم.
فمعنى:{واتقوا الذي خَلَقَكُمْ}[الشعراء: ١٨٤] أي: احذروا جبروته؛ لأنه خلقكم، وضمن لكم الأرزاق، وضمن لكم قضاء الحاجات، حتى العاجز عن الحركة سخَّر له القادر، وجعل للغنى شرطاً في إيمانه أنْ يُعطى جزءاً من سَعْيه للفقير، ويُوصِّله إليه وهو مطمئن.
ومعنى:{والجبلة الأولين}[الشعراء: ١٨٤] الجبلة من الجبَل، وكان له دور في حياة العربي، وعليه تدور الكثير من تعبيراتهم، ففيه صفات الفخامة والعظمة والرسوخ والثبات، فاشتقوا من الجبل (الجبلّة) وتعني الملازمة والثبات على الشيء.
ومن ذلك نقول: فلان مجبول على الخير يعني: ملازم له لا يفارقه، وفلان كالجبل لا تزحزحه الأحداث، والعامة تقول: فلان