للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَخْطَأْنَا} فكأننا يا رب نقدرك، حق قدرك، ولا نجترئ على عصيانك عمدا، وإن عصينا فإنما يكون العصيان نسياناً أوْ خطأ، وهذه معرفة لقدر الحق سبحانه وتعالى.

ولكن ما النسيان؟ وما الخطأ؟

أولاً فيه «أخْطَأ» وفيه «خَطِئَ» و «الخِطْء» لا يكون إلا إثما؛ لأنه تعمد ما لا ينبغي، فأنت تعلم قاعدة وتخطئ، والذي أخطأ قد لا يعرف القاعدة، فأنت تصوب له خطأه لأنه حاد عن الصواب.

ومثال ذلك: عندما تتعلم في المدرسة أن الفاعل مرفوع، والمفعول منصوب وفي وسط السنة يصححون لك القاعدة حتى تستقر في ذهنك، إنما في أيام الامتحان أيصحح لك المدرس أم يؤاخذك؟ إنه يؤاخذك؛ لأنك درست طوال السنة هذه القاعدة، إذن ففيه خَطِئ وفيه أخطأ، فأخطأ مرة تأتي عن غير قصد؛ لأنه لا توجد قاعدة أنا خالفتها، أو لم أعرف القاعدة وإنما نطقت خطأ؛ لأنهم لم يقولوا لي، أو قالوا لي مرة ولم أتذكر، أي لم تستقر المسألة كملكة في نفسي؛ لأن التلميذ يخطئ في الفاعل والمفعول مدة طويلة، وبعد ذلك ينضج وتصير اللغة ملكة في نفسه إن كان مواظبا على صيانتها.

كان التلميذ في البداية يقول: قطع محمد الغصن، ولا يقولها مُشَكَّلةً ولكن يسكن الآخر في نهاية نطقه لاسم محمد، وساعة يتذكر القاعدة ينطقها «محمد» بالرفع وينطق «الغصن» بالنصب لماذا؟ لأنه ترد ثلاث قواعد على ذهنه، هذه فاعل والفاعل حكمه الرفع، فهي مرفوعة، فهو يمر بقضية عقلية، لكن بعدما يمر عليها يقرأها صحيحة وقد لا يتذكر القاعدة، فقد صارت المسألة ملكة لغوية عنده، هذه الملكة اللغوية مثلما نقول: «صارت آلية» .

ومثال ذلك الصبي الذي يتعلم الخياطة، انظر كم من الوقت يمر ليتعلم كيف يمسك بخيط ليدخله في سم الإبرة، وقد يضربه معلمه أكثر من مرة ليتعلمها؛ وفتلة الخيط تنثني منه لأنها طويلة فيقصرها ثم لا تدخل في العين فيبرمها لتدخل، إنه يأخذ وقتا كثيرا ثم يعمل الغرزة فتخرج غير منتظمة وبعد ذلك يظل مدة، ثم يفعل كل

<<  <  ج: ص:  >  >>