سواء، أمّا الروح التي تأتيك من كتاب الله وفي منهجه، فهي للمؤمن خاصة، وهي باقية، وبها تستأنف حياة جديدة خالدة بعد حياة المادة الفانية.
واقرأ إن شئت قوله تعالى:{ياأيها الذين آمَنُواْ استجيبوا للَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ}[الأنفال: ٢٤] .
كيف وها نحن أحياء؟ نعم، نحن أحياء بالروح الأولى روح المادة الفانية، أمَّا رسول الله فهو يدعونا للحياة الباقية، وكأنه عَزَّ وَجَلَّ يشير إلى أن هذه الحياة التي نحياها ليست هي الحياة الحقيقية؛ لأنها ستنتهي، وهناك حياة أخرى باقية دائمة.
حتى مجرد قولنا نحن أحياء فيه تجاوز؛ لأن الأحياء هم الذين لا يموتون، وهذه الحياة لا تأتي إلا بمنهج الله، وهذا معنى قوله تعالى:{وَإِنَّ الدار الآخرة لَهِيَ الحيوان لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ}[العنكبوت: ٦٤] فالحيوان مبالغة في الحياة، أي: الحياة الحقيقية، أما حياة المادة فأيّ حياة هذه التي يموت فيها المرء يوم مولده، أو حتى بعد مائة عام؟!
ثم يَصِف الحق سبحانه وتعالى الروح بأنه {الأمين}[الشعراء: ١٩٣] أي: على الوحي، القرآن إذن مَصُون عند الله، مصون عند الروح الأمين الذي نزل به، مَصُون عند النبي الأمين الذي نزل عليه.