للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال تعالى: {لاَّ يُحِبُّ الله الجهر بالسواء مِنَ القول إِلاَّ مَن ظُلِمَ} [النساء: ١٤٨] .

أباح للمظلوم أن يُعبِّر عن نفسه، وأن يرفض الظلم، ولا عليه إنْ جهر بكلمة تُخفِّف عنه ما يشعر به من ظلم.

ثم تختم السورة بقوله تعالى: {وَسَيَعْلَمْ الذين ظلموا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ} [الشعراء: ٢٢٧] يعني: غداً سيعلمون مرجعهم ونهايتهم كيف تكون؟ والمنقلب هو المرجع والمآب، والمصير الذي ينتظرهم.

فالحق تبارك وتعالى يتوعدهم بما يؤذيهم، وبما يسوؤهم فلن تنتهي المسألة بانتصار المسلمين عليهم، إنما ينتظرهم جزاء آخر في الآخرة.

كما قال سبحانه في موضع آخر: {وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ} [الطور: ٤٧] .

لذلك أبهم الله تعالى هذا المنقلب، وإبهامه للتعظيم والتهويل، وقد بلغ من العِظَم أنه لا يُوصف ولا تؤدي العبارة مؤداه، كما أبهم العذاب في قوله تعالى: {فَغَشِيَهُمْ مِّنَ اليم مَا غَشِيَهُمْ} [طه: ٧٨] .

يعني: شيء عظيم لا يُقَال، والإبهام هنا أبلغ؛ لأن العقل يذهب في تصوّره كل مذهب، وعلى كل كيفية.

والمنقلب أو المرجع لا يُمدح في ذاته، ولا يُذمُّ في ذاته، فإن انتهى إلى السوء فهو مُنقلب سيء، وإنِ انتهى إلى خير فهو مُنقلَب حسن، فالذي نحن بصدده من مُنقلَب الكافرين المعاندين لرسول الله منقلب سيء يُذَم.

أما مُنْقلَب سحرة فرعون مثلاً حين قال لهم: {آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>