وحين تتتبع اللقطات المختلفة لهذه القصة تجدها مرة (جان) ومرة (حية) ومرة (ثعبان) ، وهي كلها حالات للشيء الواحد، فالجان فَرْخ الثعبان، وله مِن خفة الحركة ما ليس للثعبان، والحية هي الثعبان الضخم.
وقوله تعالى {ولى مُدْبِراً}[النمل: ١٠] يعني: انصرف عنها وأعطاها ظهره {وَلَمْ يُعَقِّبْ}[النمل: ١٠] نقول: فلان يُعقِّب يعني: يدور على عَقِبه ويرجع، والمعنى أنه انصرف عنها ولم يرجع إليها؛ لذلك ناداه ربه سبحانه وتعالى:{ياموسى لاَ تَخَفْ إِنِّي لاَ يَخَافُ لَدَيَّ المرسلون}[النمل: ١٠] .
ونلحظ هنا نداءين اثنين يذكر فيهما، المنادى موسى عليه السلام وكأنهما تعويض للنداء السابق الذي نُودِي فيه بالخبر {أَن بُورِكَ مَن فِي النار وَمَنْ حَوْلَهَا}[النمل: ٨] .
وعلَّة عدم الخوف {لاَ تَخَفْ}[النمل: ١٠] ليعلمه أنه سيُضطر إلى معركة، فليكُنْ ثابتَ الجأْش لا يخاف لأنّه لا يحارب شخصاً بمفرده، إنما جمعاً من السَّحرة جُمِعوا من كل أنحاء البلاد، وسبق أنْ قال له:
{إِنَّكَ أَنتَ الأعلى}[طه: ٦٨] حتى لا تُرهبه هذه الكثرة.
وهنا قال {إِنِّي لاَ يَخَافُ لَدَيَّ المرسلون}[النمل: ١٠] والمعنى: لا تخفْ، لأني أنا الذي أرسلتُك، وأنا الذي أتولّى حمايتك وتأييدك، كما قال الحق سبحانه في موضع آخر: