أما في هذه الآية، فالكلام عن الأرض، لذلك ذكر لنا مسائل من خصوصيات الأرض، {أَمَّن جَعَلَ الأرض قَرَاراً}[النمل: ٦١] معنى: قراراً أي استقراراً، حيث خلقها سبحانه على هيئة مريحة تصلح لأنْ يستقرَّ عليها الإنسان.
{وَجَعَلَ خِلاَلَهَآ أَنْهَاراً}[النمل: ٦١] الماء ينزل من السماء وينتفع به مَنْ سقط عليه مباشرة، أما ما ينزل على الجبال فيجتمع في الوديان وتُصنع له السدود لينتفع الناس به عند القحط، ومن الماء المطر ما ينساب في مَجَارٍ تُسمَّى الأنهار.
وتستطيع أنْ تُفرِّق بين النهر والقناة الصناعية، فالنهر ينساب الماء فيه من أعالي الجبال، ومن أماكن متفرقة تتتبع المنخفضات والسهل من الأرض الذي يستطيع الماء أنْ يشقَّ مجراه فيه فتراه ملتوياً متعرجاً، يدور حول الجبال أو الصخور ليشقَّ مجراه.
أما القناة الصناعية، فتراها على هيئة الاستقامة، إلا إذا اعترض طريق حفرها مثلاً أحد أصحاب النفوذ، فيحملهم على تعيير المسار والانحراف به ليتفادى المرور بأرضه.
وتستطيع أنْ تلاحظ هذه الظاهرة إذا تبولْتَ في أرض رملية ونظرتَ إلى مجرى البول، فتراه يسير متعرجاً حسب طبيعة الأرض التي يمرُّ بها.
{وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ}[النمل: ٦١] الرواسي: هي الجبال الثابتة الراسية، وفي موضع آخر بيَّن سبحانه الحكمة من هذه الجبال فقال:{وألقى فِي الأرض رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ}[النحل: ١٥] .