أَزَلاً، فمثلاً لما ذكر الحق تبارك وتعالى وسائل النقلِ والمواصلات في زمن نزول القرآن قال:{والخيل والبغال والحمير لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}[النحل: ٨] .
فلولا تذييل الآية بقوله تعالى:{وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}[النحل: ٨] لكان فيها مأخذ على القرآن، وإلاَّ فأين السيارة والطائرة والصاروخ في وسائل المواصلات؟
إذن: نستطيع الآن أنْ نُدخِل كل الوسائل الحديثة تحت {وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}[النحل: ٨] .
وسبق أن قلنا: إن من عظمة الحق سبحانه وتعالى ألاَّ يُعلم بشيء لا اختيار للعبد فيه، إنما بما له فيه اختيار ويفضحه باختياره، كما حدث في مسألة تحويل القبلة:{سَيَقُولُ السفهآء مِنَ الناس مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ التي كَانُواْ عَلَيْهَا}[البقرة: ١٤٢] .
فيعلنها الله تعالى صراحة، ويُسمِّيهم سفهاء؛ لأنهم يعادون الله ويعادون رسول الله، وبعد هذه الخصومة وهذا التجريح قالوا فعلاً ما حكاه القرآن عنهم.
ولم نَرَ منهم عاقلاً يتأمل هذه الآية، ويقول: ما دام أن القرآن حكى عنا هذا فلن نقوله، وفي هذه الحالة يجوز لهم أنْ يتهموا القرآن وينالوا من صِدْقه ومن مكانة رسول الله، لكن لم يحدث وقالوا فعلاً بعد نزول الآية:
{مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ التي كَانُواْ عَلَيْهَا}[البقرة: ١٤٢] يعني: تركوا التوجه إلى بيت المقدس وتوجهوا إلى مكة، قالوه مع ما لهم من عقل واختيار.
وهذه المسألة حدثتْ أيضاً في شأن أبي لهب لما قال الله عنه: