استقبال في السامع هي الأذن، فإذا تعطلَتْ هذه الأداة لن يسعموا، وهؤلاء القوم تعطلَتْ عندهم أداة السمع، فهم كالموتى والذين أصابهم الصمم، فآيات الله الكونية كثيرة من حولهم، لكن لا يروْن ولا يسمعون.
وليت الأمر يقف بهم عند حَدِّ الصمم، إنما يُولُّون مدبرين من سماع الدعوة، وهذه مبالغة منهم من الانصراف عن دعوة الحق؛ لأنهم إنْ جلسوا فلن يسمعوا، فما بالك إذا ولَّوْا مدبرين يجروُن بعيداً، وكأن الواحد منهم يخاف أن يزول عنه الصمم وتلتقط أذنه نداء الله، فيستميله النداء، وعندها تكون مصيبته كبيرة على حَدِّ زعمهم.
وهذا دليل على أنهم يعلمون أنه حق، وأنهم لو صَغَوْا إليه لا تبعوه، ألم يقولوا:{لاَ تَسْمَعُواْ لهذا القرآن والغوا فِيهِ}[فصلت: ٢٦] .
ذلك لأن القرآن جلالاً وجمالاً ياسِرُ الألباب؛ لذلك نَهَوْا عن سماعه، ودَعَوْا إلى التشويش عليه، حتى لا ينفذ إلى القلوب.