وما كان الله تعالى ليجمع على نبيه موسى عليه السلام صعقتين، لذلك لم يُصعَق صعقة الآخرة.
وقوله سبحانه:{وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ}[النمل: ٨٧] أي: صاغرين أذلاء، لا يتأبى على الله منهم أحد، حيث لا قدرةَ له على ذلك؛ لأن القيامة أنهتْ الاختيار الذي كان لهم في الدنيا، وبه ملّكهم الله شيئاً من المِلْك:{قُلِ اللهم مَالِكَ الملك تُؤْتِي الملك مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ الملك مِمَّنْ تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ}[آل عمران: ٢٦] .
فأعطى الله تعالى طرفاً من الملْك، ووهبه لبعض عباده في دنيا الأسباب والاختيار، أمَّا في الآخرة فالملْك لله تعالى وحده، لا ينازعه فيه أحد:{لِّمَنِ الملك اليوم لِلَّهِ الواحد القهار}[غافر: ١٦] .
في القيامة يُنزع منك كلّ شيء تملكه وكلّ قدرة لك على ما تملك حتى جوارحك لا قدرةَ لك عليها، ولا إرادةَ لتنفعل لك، هي تبع إرادتك في الدنيا، وبها ترى وتسمع وتمشي وتبطش، أمَّا في الآخرة فقد سُلِبت منك هذه الإرادة، بدليل أنها ستشهد عليك، وتُحاجّك يوم القيامة.
ثم ينتقل السياق بنا مرة أخرى إلى آية كونية:{وَتَرَى الجبال تَحْسَبُهَا}