للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونلحظ هنا دقة الأداء القرآني {تَخْرُجْ بَيْضَآءَ ... } [القصص: ٣٢] ولم يقُلْ بصيغة الأمر: وأخرجها كما قال {اسلك يَدَكَ ... } [القصص: ٣٢] وكأن العملية عملية آلية منضبطة بدقة، فبمجرد أن يُدخِلها تخرج هي بيضاء، فكأن إرادته على جوارحه كانت في الإدخال، أما في الإخراج فهي لقدرة الله.

وكلمة {بَيْضَآءَ ... } [القصص: ٣٢] أي: مُنوّرة دون مرض، والبياض لا بُدَّ أن يكون عجيباً في موسى - عليه السلام - لأنه كان أسمر اللون؛ لذلك قال {مِنْ غَيْرِ سواء ... } [القصص: ٣٢] حتى لا يظنوا به بَرصاً مثلاً، فهو بياض طبيعي مُعْجِز.

وقوله تعالى: {واضمم إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرهب ... } [القصص: ٣٢] الجناحان في الطائر كاليدين في الإنسان، وإذا أراد الإنسان أن يعوم مثلاً يفعل كما يفعل الطائر حين يطير، فالمعنى: اضمُمْ إليك يديك يذهب عنك الخوف.

وهذه العملية يُصدِّقها الواقع، فنرى المرأة حين ترى ولدها مثلاً يسئ التصرف تضرب صَدْرها وتولول، وسيدنا ابن عباس يقول: كل من خاف يجب عليه أن يضرب صدره بيديه ليذهب عنه ما يلاقي، ولك أن تُجرِّبها لتعلم صِدْق هذا الكلام.

ومعنى {فَذَانِكَ ... } [القصص: ٣٢] ذا: اسم إشارة للمفرد ونقول: ذان اسم إشارةت للمثنى، والكاف للخطاب، والمراد: الإشارة لمعجزتي العصا واليد {بُرْهَانَانِ مِن رَّبِّكَ ... } [القصص: ٣٢] أي ربك الحق {إلى فِرْعَوْنَ ... } [القصص: ٣٢] الرب الباطل، ولا يمكن

<<  <  ج: ص:  >  >>