ولم يُوصَف أخْذ الإنسان بالقوة إلا في قوله تعالى يحثُّنا على أنْ نأخذ مناهج الخير بقوة:{خُذُواْ مَآ ءاتيناكم بِقُوَّةٍ ... }[البقرة: ٩٣] .
ثم يقول سبحانه:{فانظر كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظالمين}[القصص: ٤٠] أي: نهايتهم وقد جاءت عجيبة من عجائب الزمن وآية من آيات الله، فالبحر والماء جُنْد من جنود الله، تنصر الحق وتهزم الباطل، وقد ذكرنا كيف أنجى الله موسى - عليه السلام - وأهلك فرعون بالشيء الواحد حين أمر الله موسى أنْ يضرب بعصاه البحر، فصار كل فِرْق كالطود العظيم.
فلما أنْ جازه موسى وقومه إلى الناحية الأخرى أراد أنْ يضرب البحر مرة أخرى؛ ليعود الماء إلى سيولته واستطراقه فيصُحِّح الله له ويأمره أنْ يدَعَهُ على حاله، فالحق - تبارك - وتعالى - يتابع نبيه موسى خُطْوة بخطوة كما قال له:{إِنَّنِي مَعَكُمَآ أَسْمَعُ وأرى}[طه: ٤٦] .
وحاشا لله أن يُكلِّفه بأمر ثم يتركه، ولما رأى فرعون الطريق اليابس أمامه عبر بجنوده، فأطبقه الله عليهم، فصاروا آية وعبرة، كما قال سبحانه:{فاليوم نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ... }[يونس: ٩٢] .
وتأمَّلْ قدرة الله التي أنجَتْ موسى من الغرق، وقد ألقتْه أمه بيديها في الماء، وأغرقتْ فرعون.