ومن كشف حُجُب الغيب المستقبل قوله تعالى:{والخيل والبغال والحمير لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً ... }[النحل: ٨] ولو انتهتْ الآية إلى هذا الحدِّ لقالوا: ذكر القرآن البدائيات، ولم يذكر شيئاً عن السيارة والصاروخ. . إلخ.
لكن الحق - تبارك وتعالى - يكمل الآية
{وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}[النحل: ٨] ليجعل في القرآن رصيداً لكل ما يستجد من وسائل المواصلات والانتقال إلى يوم القيامة.
ومن ذلك أيضاً قوله تعالى:{سُبْحَانَ الذي خَلَق الأزواج كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الأرض وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لاَ يَعْلَمُونَ}[يس: ٣٦] فكلُّ شيء في الوجود قائم على الزوجين ذكورةً وأنوثة حتى الجمادات التي لا نرى فيها حياة.
ومن ذلك قوله تعالى:{الم غُلِبَتِ الروم في أَدْنَى الأرض وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ ... }[الروم: ١ - ٤]
فمَنْ يستطيع أن يحكم على نتيجة معركة بعد سبع سنين؟ وبعد ذلك يُصدِّقه الله، وتنتصر الروم، وكانوا أهل كتاب على الفرس، وكانوا يعبدون النار؛ لذلك قال سبحانه:{وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ المؤمنون بِنَصْرِ الله ... }[الروم: ٤ - ٥] .
ولما تشوَّق الصحابة لأداء العمرة ونزل على رسول الله قوله تعالى:{لَتَدْخُلُنَّ المسجد الحرام إِن شَآءَ الله آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لاَ تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُواْ فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً}[الفتح: ٢٧] .