للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرسول ولم تطلبوا معه معجزة معينة فقلتم: {رَبَّنَا لولا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً ... } [القصص: ٤٧] والآن تطلبون آيات حِسيِّة كالتي أرسل بها موسى من قبل.

والمتأمل يجد أن الآيات قبل محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كانت آيات حِسيِّة كونية، مثل سفينة نوح عليه السلام، وناقة صالح عليه السلام، وعصا موسى عليه السلام، وإبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى بإذن الله بالنسبة لسيدنا عيسى عليه السلام. وهذه كلها معجزات حسية تنتهي بانتهاء وقتها، فهي مناسبة للرسل المحدودي الزمن، والمحدودي المكان.

أما الرسول الذي أُرسِلَ للناس كافَّة في الزمان وفي المكان، فلا تناسبه الآية الحسيِّة الوقتَية؛ لأنها ستكون معجزة لزمانها، وتظل العصور فيما بعد بلا معجزة، لذلك جاء الحق - تبارك وتعالى - على يد محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بمعجزة باقية خالدة محفوظة بحِفْظ الله إلى يوم القيامة.

وقلنا: إن الرسل قبل محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كان الرسول يأتي بمعجزة تثبت صِدْق بلاغه عن الله، ومعه كتاب يحمل منهجه، فالكتاب غير المعجزة، أما محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فجاءت معجزته هي عَيْن الكتاب والمنهج الذي أُرسِل به ليظل الدليل على صِدْقه باقياً مع المنهج الذي يطالب الناس به، وإلى أن تقوم الساعة نظل نقول: محمد رسول الله معجزته هي عَيْن الكتاب والمنهج الذي أُرسل به ليظل الدليل على صِدقْه باقياً مع المنهج الذي يطالب الناس به، وإلى أن تقوم الساعة نظل نقول: محمد رسول الله وهذه معجزته.

أمَّا إخوانه من الرسل السابقين فنقول فلان، وكانت معجزته كذا على سبيل الإخبار، والخبر يحتمل الصِّدْق ويحتمل الكذب.

<<  <  ج: ص:  >  >>