نعمه ويطقع هذه الرتابة، فإنما ليفهموا أن الرتابة في التكليفات تُضعِف الحكمة من التكليف، كيف؟
نقول: الحق - تبارك وتعالى - حرَّم علينا أشياء وأحلَّ لنا أشياء، فمثلاً حرَّم الله علينا الخمر حتى أصبحنا لا نشربها ولا حتى تخطر ببالنا، فأصبحت عادة رتيبة عندنا، والله تعالى يريد أنْ يُديم على الإنسان تكليف العبادة، حتى لا يعتادها فيفعلها بالعادة، فيكسر هذه العادة مثلاً في صوم رمضان.
ويُحرِّم عليك ما كان حلالاً لك طوال العام، وقد اعتدْتَ عليه، فيأتي رمضان وتكليف الصيام ليُحرِّم عليك الطعام الذي كنت تأكله بالأمس، ذلك لتظل حرارة العبادة موجودةً تُشوِّق العبد إليها، وتُعوِّده الانضباط في أداء التكاليف.
ثم يذكر العقاب على الكفر بنعمة الله {فَأَذَاقَهَا الله لِبَاسَ الجوع والخوف ... }[النحل: ١١٢] والجوع له مظهران: أنْ تطلبه البطن في أول الأمر، فإنْ زاد الجوع ضعُفَتْ الجوارح، وتألمتْ الأعضاء كلها، وذاقتْ ألم الجوع، والله تعالى يريد أنْ يُرينا إحاطة هذا الألم، فشبَّهه باللباس الذي يحيط بالجسم كله، ويلفّه من كل نواحيه.
وهذه سُنَّة الله في القُرى الظالمة، كما قال سبحانه:{وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ القرى ... } .