وقولهم:{رَبَّنَا هؤلاء الذين أَغْوَيْنَآ أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا ... }[القصص: ٦٣] لنا وقفة مع {هؤلاء}[القصص: ٦٣] وهي اسم إشارة للجمع بنوعيه، تقول: هؤلاء الرجال، وهؤلاء النساء، وهي عبارة عن: الهاء للتنبيه، وأولاء اسم إشارة، وكذلك في هذا، هذه، هذان، هاتان، فالهاء فيها للتنبيه لتنبيه السامع أنك ستتكلم ليعطيك سمعه، ويهتم بما تقول، فلا يفوته من كلامك شيء.
هذا حين تخاطب مثلك لأنه يحتاج إلى تنبيه، أما إذا خاطبت ربك - عَزَّ وَجَلَّ - فمن سوء الأدب أنْ تستخدم في خطابه أداة التنبيه، كما استخدمها المشركون، فما داموا قد قالوا {رَبَّنَا ... }[القصص: ٦٣] فليس من الأدب أن يقولوا {هؤلاء ... }[القصص: ٦٣] أيُنبِّهون الله عَزَّ وَجَلَّ؟
لذلك نلحظ هذا الأدب في خطاب نبي الله موسى - عليه السلام - فيما حكاه عنه القرآن:{وَمَآ أَعْجَلَكَ عَن قَومِكَ ياموسى قَالَ هُمْ أولاء على أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لترضى}[طه: ٨٤] فقال (أولاء) بدون هاء التنبيه تأدُّباً مع ربه عَزَّ وجَلَّ.
ونلحظ أنك لا تجد خطاباً من الكفار إلا باستخدام هؤلاء:{رَبَّنَا هؤلاء أَضَلُّونَا ... }[الأعراف: ٣٨]{رَبَّنَا هؤلاءآء شُرَكَآؤُنَا}[النحل: ٨٦] أما المؤمن فلا يليق به أبداً أن يُنبِّه الله تعالى، بل ولا تصدر من مؤمن لمؤمن لأنه دائماً منتبه.
ثم يقولون:{تَبَرَّأْنَآ إِلَيْكَ مَا كانوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ}[القصص: ٦٣] الآن ينكُصون كما قالوا من قبل {رَبَّنَا ... }[القصص: ٦٣] يقولون الآن {تَبَرَّأْنَآ إِلَيْكَ. .}[القصص: ٦٣] لكن هيهات تنفعهم هذه البراءة، لقد انتهى وقتها، ومضى زمن التكليف والاختيار، والآن وقت الحساب