ومُني من قومه بقارون، ومعنى: من قومه، إما لأنه كان من رحمه من بني إسرائيل، أو من قومه يعني: الذين يعيشون معه. والقرآن لم يتعرض لهذه المسألة بأكثر من هذا، لكن المفسرين يقولون: إنه ابن عمه. فهو: قارون بن يصهر بن قاهث بن لاوي ابن يعقوب وموسى هو ابن عمران بن قاهث بن لاوي بن يعقوب.
وللمؤرخين كلام في العداوة بين موسى وقارون، قالوا: حينما سأل موسى عليه السلام ربه أنْ يشدَّ عضده بأخيه هارون، أجابه سبحانه {قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ ياموسى}[طه: ٣٦] وليست هذه أول مرة بل {وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أخرى}[طه: ٣٧] وأرسل الله معه أخاه هارون؛ لأنه أفصح من موسى لساناً، وجعلهما شريكين في الرسالة، وخاطبهما معاً {اذهبآ ... }[طه: ٤٣] ليؤكد أنَّ الرسالة ليست من باطن موسى.
وإنْ رأيت الخطاب في القرآن لموسى بمفرده، فاعلم أن هارون مُلاحَظ فيه، ومن ذلك لما دعا موسى على قوم فرعون، فقال:{رَبَّنَآ إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الحياة الدنيا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطمس على أَمْوَالِهِمْ واشدد على قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حتى يَرَوُاْ العذاب الأليم}[يونس: ٨٨] .
فالذي دعا موسى، ومع ذلك لما أجابه ربه قال:{قَدْ أُجِيبَتْ دَّعْوَتُكُمَا ... }[يونس: ٨٩] وهذا دليل على أن هارون لم يكن رسولاً من باطن موسى، إنما من الحق سبحانه، وأيضاً دليل على أن المؤمِّن على الدعاء كالداعي، فكان موسى يدعو وهارون يقول: آمين.
ولما ذهب موسى لميقات ربه قال لأخيه {اخلفني فِي قَوْمِي ... }[الأعراف: ١٤٢] وفي غيبة موسى حدثتْ مسألة العجل، وغضب