عن الشاة التي أُهديَتْ له قالت بعد أن تصدقت بها: ذهبتْ إلا كتفها، فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:» بل بقيتْ إلا كتفها «.
ويقول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:» ليس لك من مالك إلا ما أكلتَ فافنيتَ، أو لبستَ فأبليتَ، أو تصدقْتَ فأبقيْتَ «.
لذلك كان أولو العزم حين يدخل على أحدهم سائل يسأله، يقول له: مرحباً بمَنْ جاء يحمل زادي إلى الآخرة بغير أجرة.
والإمام علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - جاءه رجل يسأله: أأنا من أهل الدنيا، أم من أهل الآخرة؟ فقال: جواب هذا السؤال ليس عندي، بل عندك أنت، وأنت الحكم في هذه المسألة. فإنْ دخل عليك مَنْ تعودت أنه يعطيك، ودخل عليك مَنْ تعودت أنْ يأخذ منك، فإنْ كنتَ تبشُّ لمن يعطي، فأنت من أهل الدنيا، وإنْ كنتَ تبشُّ لمَنْ يسألك ويأخذ منك، فأنت من أهل الآخرة، لأن الإنسان يحب من يعمر له ما يحب، فإنْ كنتَ محباً للدنيا فيسعدك مَنْ يعطيك، وإنْ كنتَ محباً للآخرة فيسعدك مَنْ يأخذ منك.
وإذا كان ربنا - عَزَّ وَجَلَّ - يوصينا بأن نبتغي الآخرة، فهذا لا يعني أن نترك الدنيا:{وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدنيا ... }[القصص: ٧٧] لكن هذه الآية يأخذها البعض دليلاً على الانغماس في الدنيا ومتعها.