للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي ذَنوباً تتبع، وتتلو جريمتهم. إذن فالنص القرآني في أي ذنب وفي أي عقاب يؤكد لنا القضية القانونية الاصطلاحية الموجودة في كل الدنيا: إنه لا عقوبة دون تجريم. فكان العقابُ بعد الجريمة أي بعد الذنب، والذنب بعض النص، فلا نأتي لواحد بدون نص سابق ونقول له: أنت ارتكبت ذنباً. وهذه تحل إشكالات كثيرة، مثال ذلك: {إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ وَمَن يُشْرِكْ بالله فَقَدِ افترى إِثْماً عَظِيماً} [النساء: ٤٨] .

إن الله يغفر ما دون الشرك بالله، فالشرك بالله قمة الخيانة العظمى؛ وهذا لا غفران فيه وبعد ذلك يغفر لمن يشاء. ويقول الحق في آية أخرى: {قُلْ ياعبادي الذين أَسْرَفُواْ على أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ الله إِنَّ الله يَغْفِرُ الذنوب جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الغفور الرحيم}

[الزمر: ٥٣] .

فهناك بعض من الناس يقولون: إن الله قال: إنه لا يغفر أن يشرك به، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، حتى إنهم قالوا: إن ابن عباس ساعة جاءت هذه الآية التي قال فيها الحق: {إِنَّ الله يَغْفِرُ الذنوب جَمِيعاً} قال: «إلا الشرك» وذلك حتى لا تصطدم هذه الآية من الآية الاخرى.

والواقع أنه حين يدقق أولو الألباب فلن نجد اصطداما، لأن الذين أسرفوا على أنفسهم. هم من عباد الله الذين آمنوا ولم يشركوا بربهم أحداً، ولكنهم زلُّوا وغووا ووقعوا في المعاصي فهؤلاء يقال عنهم: إنهم مذنبون؛ لأنهم مؤمنون بالله ومعترفون بالذي أنزله، أما المشرك فلم يعترف بالله ولا بما شرع وقنن من أحكام، فما هو عليه لا يسمى ذنبا وإنما هو كفر وشرك. فلا تعارض ولا تصادم في آيات الرحمن.

وعندما يقول الحق:

<<  <  ج: ص:  >  >>