للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَعْضَكُمْ على بَعْضٍ ... } [النساء: ٣٢] .

لأن لكل منكم مهمة ودوراً في الحياة، ولكل منكم مواهبه وميزاته التي يمتاز بها عن الآخرين، ولا بُدَّ أن يكون فيك خصال أحسن ممن تحسده، لكنك غافل عنها غير متنبه لها.

وسبق أن قلنا: إن الحق سبحانه قد وزَّع أسباب فَضْله على خَلْقه؛ لأننا جميعاً أمام الله سواء، وهو سبحانه لم يتخذ صاحبة ولا ولداً؛ لذلك قلنا: إن مجموع مواهب كل فرد تساوي مجموع مواهب الآخر، فقد تزيد أنت عني في خصلة، وأزيد عنك في أخرى، فهذا يمتاز بالذكاء، وهذا بالصحة، وهذا بالعلم، وهذا بالحِلْم. . إلخ.

لأن حركة الحياة تتطلب كل هذه الإمكانيات، فبها تتكامل الحياة، وليس من الممكن أن تتوفر كل هذه المزايا لشخص واحد يقوم بكل الأعمال، بل إنْ تميزْتَ في عملك، وأتقنتَ مهمتك فلك الشكر.

ومن العجيب ألاَّ تنتفع أنت بنبوغك، في حين ينتفع به غيرك، ومن ذلك قولهم مثلاً (باب النجار مخلع) ، فلماذا لا يصنع باباً لنفسه، وهو نجار؟ قالوا: لأنه الباب الوحيد الذي لا يتقاضى عليه أجراً.

إذن: حينما تجد غيرك مُتفوِّقاً في شيء فلا تحقد عليه؛ لأن تفوقه سيعود عليك، وضربنا لذلك مثلاً بشيء بسيط؛ حين تمسك المقصَّ بيدك اليمنى لتقصَّ أظافر اليد اليسرى تجد أن اليد اليمنى - لأنها مرنة سهلة الحركة - تقصُّ أظافر اليسرى بدقة، أما حين تقصُّ اليسرى أظافر اليمنى فإنها لا تعطيك نفس المهارة التي كانت لليمنى. إذن: فحُسْن اليمنى تعدَّى لليُسْرى ونفعها.

<<  <  ج: ص:  >  >>